روعه موضوع رائع ومميز

**ladynezo** · الخميس مايو 15, 2014 3:00 pm

السجال العالمي حول مفهوم الإرهاب والمقاومة لم يتوصل إلى نتيجة للتفريق بين حدود الإرهاب وحدود المقاومة.

كذلك السجال المحلّي حول مفهوم العنف والدفاع عن النفس يختلف بين المفهوم الحكومي والمفهوم العام.

من السهل على النخبة في المعارضة الوقوف على التل والإدلاء بالرؤى والنظريات وربطها بالمصطلحات الإدارية والتربوية لإسباغ الهالة عليها، ولكن 1000نظرية لا تعدل وقوف شاب أمام الخطر في ظل الهمجية التي يتعامل بها رجال جلبوا من شتى أصقاع الدنيا لا يعرفون إلا لغة العنف والقتل ولا يؤمنون إلا بلغة القوة.

نعم هناك من يحذّر من استمرار الثورة لأن العدو شرس ولا يمتلك الرحمة ولأنه مدعوم من قبل قوى إقليمية كبرى تملك المال والسلاح والثروات التي تدر الذهب، فكيف يستطيع شباب عزّل مواجهة قوى إقليمية لم ولن تتوقف عن دعم نظام يجلب مرتزقة أجانب لا توجد في قلوبهم ذرة من الرحمة.

انه ضرب من الجنون في نظرهم وهو الوقوع في التهلكة وزج النفس في مخاطر لا طائل منها.

هل يوفّر النظام صديقا؟

قد يعتقد البعض بأنه سيكون بمأمن عندما يدافع عن رؤى السلطة حول الحراك ووصمه بالعنف والإرهاب، ولكن الأحداث منذ الثمانينيات إلى الآن أثبتت بأن هذا النظام لا مأمن منه ويمكن أن ينقلب على أصدقائه في أي لحظة بل لم يوفر صديقا مهما تكن منزلته.

فهل صحيح ما يروّج له بعض النخب ويحاولون ثني الشباب عن الاستمرار في الثورة؟

أم أن الحال كما وصفه الله تعالى بقوله:
(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) آل عمران(174)

باعتقادنا إن أي تراجع من الشباب الذين قامت على سواعدهم الثورة فهو يعني القضاء على الجميع، فالنظام في البحرين لا يؤمن إلا بلغة واحدة وهي "كلما تراجعتم خطوة سأتقدم في قمعكم عشر خطوات" وسيتسمر في القمع والإرهاب بشكل منظم، ولن يكافئ الداعين إلى التراجع إلا بوصمهم بأقذع الأوصاف فالجميع في سلة واحدة، وكلما تراجع الثوار خطوة فانه يتقدم في القمع خطوات كما حدث في تسعينيات القرن الماضي حيث كان يسيّر دوريات في القرى تعتدي على الناس في قعر دارهم ويضربون الناس أمام بعضهم دون أن ينطق أحد ببنت شفة.

ولا تعوزنا الأدلة ففي بداية الثورة حين كان النظام يعتقد بأن لغة القوة سوف تقضي على الثورة، قام بممارسة عمليات الدهس حيث قتل الشهيد علي بداح دهسا والشهيد عبد النبي العاقل إثر استهدافه وملاحقته بسيارة مرتزقة النظام وتعمّد الاصطدام بهِ مما أدّى لاستشهاده في موقع الحادث وشهيد الغيرة أحمد عبد الأمير وشهيد الصلاة علي عباس رضي، كما مارس التعذيب في الشوارع فسقط الشهيد عبد الرسول الحجيري والشهيد هاني عبد العزيز والشهيد السيد حميد الساري، والتعذيب داخل السجون حيث سقط الشهيد زكريا العشيري والشهيد عبد الكريم فخراوي والشهيد علي صقر.
كما أنه لم يتورع من إرسال مرتزقته إلى القرى بلباس مدني لإثارة الفوضى، وحين تم القبض عليهم وتفتيشهم اتضح بأنهم يرتدون زيّ الشرطة تحت ملابسهم وقام النظام بتلفيق تهم للشباب بأنهم اعتدوا على أهل السنة أو اعتدوا على رجال الأمن، كما وأرسل جلاوزته للاعتداء على الفتيات في جامعة البحرين والمدارس وحين وقف الشباب مدافعين عن الأعراض اعتقلهم ولفق لهم تهما وحاكمهم محاكمات صورية، أما ما حدث في الدوار فحدث ولا حرج، إذ كانت الوحشية غير مسبوقة والمجازر التي ارتكبت لم ترتكب في أي بقعة من العالم، وقضية اتهام الأطباء باحتلال مستشفى السلمانية ووضع أسلحة في سيارات الناس عند المستشفى لتلفيق تهم الإرهاب ضدهم، ناهيك عن محاكمة من دعى لتحول البحرين إلى جمهورية ينتخب فيها الرئيس بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم لدرجة أن السيد بسيوني رئيس لجنة تقصي الحقائق سخر من التهم الموجهة إليهم ومحاكمتهم بالمؤبد في حين تم تبرئة شرطة ثبت تورطهم في جرائم القتل.
فهل التوقف عن إغلاق الشوارع لحماية النفس سيوقف النظام عن همجيته وسيتراجع عن عمليات الاقتحام والدهس.

واهمٌ من يعتقد بأن النظام سيتعامل بروح التعقّل مع الشباب إذا توقفوا عن إغلاق الشوارع والدفاع عن أنفسهم، فمظاهر محاولات دهس النساء تتحدّث بنفسها.

وواهمٌ من يعتقد بأن وقف الحراك الثوري الليلي سيوقف هذا النظام عن غيّه ويوقف الاعتداءات على المناطق والقرى.

وواهمٌ من يعتقد بأن خطابات بعض المعارضين في الخارج هي التي تستقطب الشباب ليخرجوا باحتجاجاتهم الليلية، فممارسات النظام التي جعلتهم أمام خيارين لا ثالث لهما.. أما الاستسلام أو القتل والتعذيب والمحاكمات الجائرة هي وقود هذه الثورة بغض النظر عن خطابات هذا أو ذاك أو رأي هذا أو ذاك.

نحن نعلم بأن طول فترة الثورة واستمرار القمع والانتهاكات والمحاكمات الجائرة يبعث التململ في نفوس البعض، والبعض الآخر يستعجل الحصاد مهما كانت معاناة الآخرين.. ولكن لن يكون ذلك على حساب الثورة والثوار.. فمن يتعب يعلن تعبه وترجّله ويحيل نفسه للتقاعد المبكر

أقولها جازما.. بأنّ توقف الشباب عن الدفاع عن أنفسهم يعني توقف الثورة.. وتوقف الثورة يعني إدانة كل المحكومين ظلما وعدوانا.. ولا ننتظر عطفا من أحد من دول العام التي وقفت أغلبها إلى جانب النظام.. فكأنهم لم يشاهدوا ولم يسمعوا بقتل الأطفال واعتقال النساء وتعذيب الشباب والمحاكمات الجائرة لكنهم يتداعون جميعا في الإدانات والاستنكارات حين يموت أحد المرتزقة في ظروف غامضة وقبل أي تحقيق مستقل.

النخب يمكن أن تسهم في إضاعة الثورة أو إضاعة ثمراتها.. فكما وقفت النخب في مصر على التل وهي تتفرج على ثورة الشباب، وحين أدركت الجدية والاستقطاب الشعبي للثورة وشعرت بقرب سقوط نظام الرئيس مبارك، ركبت الموجة واستغلت الثورة وحصدت ثمارها ولم تبال بضياعها من خلال ممارسات غير محسوبة لأنها لم تكن نتاج تضحياتها.

والنخب في البحرين قد تسهم في ضياع الثورة قبل بدء حصادها وتغامر بالتضحيات الجسام التي قدّمها الشعب تحت ذرائع واهية تسبغ عليها مصطلحات تزيينية لتسوقها في المجتمع..

عالم السياسة له دهاليزه وخصوصيته:
وباعتقادي لا الخبرة الإدارية ولا التربوية ولا غيرهما يمكن أن يطبقان على عالم السياسة، فعالم السياسة يحتاج إلى بديهة ووعي وتضحية وإدراك لأرض الواقع قد تتوفر كلها لدى شاب يافع دخل الساحة بصورة عملية ولا تتوفر لدى رجل يمتلك خبرات متعددة في عدة تخصصات، وهذا ما شاهدناه عند حضورنا لعدة ندوات واستمعنا لآراء عدة نخب كنا نعتقد بأنها الأكثر قدرة على طرح الرؤى العلمية الدقيقة فتفاجأنا بطروحات تعبر عن روح يشوبها الكثير من الاهتزاز الداخلي نتيجة لتأثرها بالوضع الخارجي..

نعم لسنا هنا بصدد الولوغ في نكأ الجراحات ولكن نقول لإخواننا الأعزاء من النخب المعارضة.. لا تتحدثوا في ظروف قاهرة ولا بروح متأثرة بحدث أو بيأس من طول المدة لأن آراءكم ستكون متأثرة بمؤثرات دواخلكم ولن تكون موضوعية..

ففي السلامة الوطنية لم نكن نتمنى صدور أي بيان من أي طرف معارض مع احترامنا لجميع الأطراف المعارضة وكنا نتمنى من المعارضة التي اتهمت الجمهورية الإسلامية بشكل صريح وتغاضت عن الاحتلال السعودي والإماراتي أن تمتلك الجرأة وتعتذر للجمهورية الإسلامية بعد صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق واثبات عدم صلة إيران بأحداث البحرين.

الشباب اليوم أكثر وعيا وإدراكا لمجريات الواقع وأكثر تحملا لنتائجه لأنهم يدركون بأن التوقف في منتصف الطريق يعني الانتحار، والسهام التي توجه لهم يجب أن تتحول للنظام الظالم والمتسبب في كل تلك المآسي للبلد، ولا يعتقدنّ أحد بأن سنن الحياة معطّلة في البحرين أو الخليج..فكلما زاد الظلم وأمعن الظالم في ظلمه فانه سيجني على نفسه جراء ما اقترفت يداه وسيكون حسابه أشد في الدنيا قبل الآخرة..فصدام حسين لم يصدق يوما بأنه سيعلق على المشنقة والقذافي كان يسخر من الثوار ويعتبرهم جرذان ولكنهم جرّعوه من الكاس التي جرّعهم بها ومبارك حاول الصمود لمدة طويلة واختلق البلطجية لارباك الثورة لكنها ارتدت عليه.. ونعتقد بأن الخيار الأوحد الذي وضعنا النظام فيه هو استمرار الثورة ونعلم بأن هناك من يعزّ عليه التضحية ولكن التضحيات الجسام لها أهلها.. والحصاد للأسف يذهب أحيانا لمن وقف على التل.

الموضوع الأصلي : أغلاق الشوارع هل هو عنف ؟ // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: ladynezo